قطاع التكوين من الابتكار إلى الاستثمار

من المهام الرئيسة لقطاع التكوين والتعليم المهنيين، هو توفير اليد العاملة التي تتميز بكل المؤهلات العلمية والعَمَلِية لتدعيم مختلف القطاعات التي تساهم في الجهد التنموي في مختلف الميادين والمجالات، ولن يتّأتى ذلك، دون ضمان كافة الشروط اللازمة، من برامج مُلائمة تستجيب للتطورات التقنية والتكنولوجية الحديثة وتأطير يتسّم بالكفاءة وتسيير مُحكم، بقيادة أطقم إدارية مُتّشبعة بروح المسؤولية والمبادرة.

وفي هذا الإطار، يسعى القطاع من خلال الأعمال التي يبادر بها وفق برنامج نشاطاته، إلى توفير هذه الشروط السالفة الذكر، بهدف إعداد مُتّربصين ومُتّمهنين مُؤّهلين لولوج عالم الشغل بكل اقتدار ويتأقلمون مع كل المتغيرات التي يشهدها عالم المؤسسة الاقتصادية، التي هي في تطور مُستمر وفقًا للتكنولوجيات والتقنيات الحديثة.

ومن أجل ذلك، تبنّى قطاع التكوين والتعليم المهنيين مقاربة جديدة في مرافقة المتربصين والمتمهنين، قبل وأثناء وبعــد فتــــــرات تكوينهــــم، بدايــــة مـــــن توجيههم لاختيار التخصصات التي تلائم قدراتهم و رغباتهم، مرورًا بضمان التكوين اللائق وفق الشروط البيداغوجية المعمول بها، وانتهاءً بتتويج مسار التكوين، إما بالاتجاه نحو عالم الشغل أو التأسيس لمشاريع خاصة.

ومن أجل التجسيد الفعلي لهذا المسار، كان من الضروري التفكير في غرس روح المقاولاتية لدى الشباب، بتوفير بيئة أعمال مناسبة ومُحفزة، ترتكز على محيط يضمن الشفافية وترقية التشغيل والابتكار، وتّم ذلك فعلاً من خلال إدراج مقياس في برنامج التكوين، يُعنى بتطوير التكوين في مجال المقاولاتية و لتفعيل هذا المفهوم بصفة عَمَلِيــــَـــــة، عَمَــــــــدَ القطـــــاع إلى إنشــــــاء آليـــــــة تُسمـــــــــى “دار المرافقة و الإدماج” على المستوى المحلي، والتي تعتبر من حيث طبيعة نشاطها، كفضاء لتبادل الآراء  والخبرات ما بين المتربصين وخريجي القطاع، مع مختلف أجهزة الدعم  والمرافقة والإدماج المهني الـمُنشأة من طرف الدولة، كما تُعتبر فضاءً للإعلام والتوجيه والتكوين في مجال المقاولاتية والإدماج، من خلال مساعدة كافة الأطراف الـمُشكلة لهذه الدُور، سيمــــا في مجال تمويل المشاريع الاستثمارية المستقبلية، كما تسعى إلى مرافقة أصحاب المشاريع الابتكارية والإبداعية لولوج عالم المؤسسة المصغرة و الناشئة، لتكون رافدًا جديدًا لتنمية اقتصاد البلاد، وفقًا للتوجهات العامة للسلطات العمومية في هذا المجال.

إضافة إلى ذلك، وبهــــدف إبـــراز إبداعــــات وابتكارات خريجـــــي القطــــــــاع تّم اللجوء إلى إنشاء فضاءات مفتوحة لعرض هذه الابتكارات والإبداعات، من خلال التأسيس لصالون وطني للتكوين والتعليم المهنيين والذي تّم تنظيم طبعتين منه إلى حد الآن، أين تتاح الفرصة لخريجي القطاع و الحرفيين، من عرض ابتكاراتهم و إبداعاتهم في مُختلف المجالات، كمــــا تشهــــد مشاركــــــة مختلـــــف القطاعـــــــات والمتعاملين الاقتصاديين من أجل معاينة هذه الابتكارات والتحاور مع أصحابها ومناقشة مدى قابلية استغلالها وتسويقها وكذا البحث عن طريق الحصول على براءات الاختراع لدى الهيئات الرسمية المختصة، وكذا الحصول على وسائل الدعم لتجسيد مشاريعهم الإبداعية لتُتّوج باستثمارات واعدة تدعم مسار التنمية لبلادنا.

لتحقيق معادلة من الابتكار إلى الاستثمار يتعين، العمل على ترسيخ روح المقاولاتية لدى الشباب منذ بداية مسارهم التكويني، بتكثيف الخرجات الميدانية لدى المؤسسات الاقتصادية المتواجدة بمحيط المؤسسات التكوينية و التي ستساعدهم على اكتشاف عالم المؤسسة مبكرًا و تنمي بذلك في أنفسهم روح الابتكار والإبداع والذي سيكون في نهاية المطاف السبيل الوحيد لتشجيعهم على ولوج عالم الاستثمار وانجاز مشاريعهم الاستثمارية، التي ستكون دون شك قيمة مُضافة في مسار تنمية اقتصاد البلاد الذي يسعى قطاع التكوين و التعليم المهنيين لتحقيقه في الميدان.

Comments are closed.